اختار الله سبحانه وتعالى اللغة العربية من بين لغات العالم وأنزل بها القرآن الكريم على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وهي إلى ذلك لغة الأحاديث النبوية الشريفة ولغة الأنبياء عليهم السلام.
مكانة اللغة العربية في الإسلام وأهم مميزاتها
 |
| أهمية اللغة العربية ومكانتها في الإسلام |
اللغة العربية جزء لا يتجزأ من الإسلام. هي لغة ضرورية لكل المسلمين في جميع أنحاء العالم يحتاجها كل مسلم لفهم وممارسة الدين. تتميز اللغة العربية بالعديد من الصفات الفريدة التي تميزها عن اللغات الأخرى.
سوف نتطرق في هذا الموضوع إلى أهمية اللغة العربية في الإسلام و في حياة المسلمين, فضلها في القرآن الكريم, جمالها, وأهم ما يميزها عن باقي اللغات.
أهمية اللغة العربية في الإسلام
اللغة العربية هي أقدم لغة حية على وجه الأرض، انتشرت اللغة العربية في معظم أنحاء العالم منذ عصور الإسلام الأولى إلى الحد الذي انتشر فيه الإسلام. وارتبطت بحياة المسلمين فأصبحت لغة العلم والأدب والسياسة والحضارة فضلاً عن كونها لغة الدين والعبادة.
وفي ضوء القرآن، أصبحت اللغة العربية لغة عالمية، واللغة الأم للعديد من البلدان. تنبع أهمية اللغة العربية من عدة جوانب وعلى رأسها:
- صلتها الوثيقة بالإسلام والقرآن
لقد كرّم الله اللغة العربية بجعلها لغة وثيقة الصلة بالدين الإسلامي والشريعة الإسلامية الشريفة، فأرسل آخر نبي ورسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من أصل عربي، وأنزل عليه القرآن الكريم بلغة عربية فصيحة. إذن فاللغة العربية تعد جزء أساسي من التعاليم والعقيدة الإسلامية.
قال أبو زكريا الفراء الذي كان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب:
"وجدنا للغة العرب فضلاً على لغة جميع الأمم اختصاصاً مـن الله تعالى وكرامة أكرمهم بها، ومن خصائصها أنه يوجد فيها من الإيجاز ما لا يوجد في غيرها من اللغات."
وقال الإِمام ابن كثير في شأن اللغة العربية :
"وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات، وأبينها وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب، بأشرف اللغات، على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك فى أشرف بقاع الأرض، وفى أشرف شهور السنة، فكمل له الشرف من كل الوجوه."
- تعدّ اللغة العربية من أقوى الروابط بين المسلمين
إن اللغة من أهم عوامل الوحدة الاجتماعية. حرصت هذه الأمة منذ القدم على تعليم اللغة العربية ونشرها على الناس من مختلف الأجناس والألوان، ولا تزال تفعل ذلك.
فاللغة العربية هي لغة لا يتحدث بها العرب فحسب، بل يتحدث بها ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم. والسبب في ذلك أن اللغة العربية مرتبطة بالدين والثقافة الإسلامية. ولذا نرى أشخاصًا من خلفيات غير مسلمة يرغبون في تعلم اللغة للتواصل مع من يتحدثها، وكذلك للتواصل مع التراث العربي والإسلامي.
فضل اللغة العربية في القرآن الكريم
لقد اعتنى القرآن الكريم عناية فائقة باللغة العربية، حيث نجد الكثير من الآيات التي تبين نزول القرآن عربياً، وهو شرفٌ أي شرفٍ لهذه اللغة، أن تكون اللغة التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى لمخاطبة عباده، وقد وُصف القرآن بكونه عربياً في سور مختلفة وآيات متعددة منها قوله تعالى:
{حم 1 تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 2 كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (فصلت: 1 – 3).
{ إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: 2).
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (طه: 113).
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْـجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْـجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى: 7).
{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 27 قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الزمر: 27، 28).
{حـم 1 وَالْكِتَابِ الْـمُبِينِ 2 إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 3 وَإنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف: 1 – 4).
{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْـحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ 102 وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّمَا يُعَلِّـمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْـحِدُونَ إلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} (النحل: 102، 103).
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} (الأحقاف: 12).
{وَإنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ 193 عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْـمُنذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ 195وَإنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ 196 أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ 197 وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأَعْجَمِينَ 198 فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 192 – 199).
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ} (الرعد: 37).
جمال اللغة العربية
اللغة العربية لغة شاملة وجميلة وحلوة. لديها أوسع نطاق صوتي معروف لجميع اللغات، وهي ليست مثل أي لغة أخرى, بل هي لغة فريدة اختارها الله من بين جميع اللغات لكتابه الخالد.
اكتسبت اللغة العربية جمالها وإبداعها من جمال حروفها, عندما تُنْطَق وتُسْمًع أو عند كتابتها بالخط العربي, بلمساتها الفنية التي تزين حروفها من حيث الزخارف والنقوش وحركات التشكيل, أو كما تظهر في القرآن الكريم، أو كما تُزَيَّن المساجد بها، أو كما ترسمها الكتب والصحف.
فعندما تحركها الألسنة تتجلى فيها البلاغة والصور الإبداعية والعديد من المعاني. وهذا ما يميز القرآن الكريم بجماله وبيانه وإعجازه وبلاغته وأسلوبه الجميل والجذاب والذي يريح النفوس.
خصائص اللغة العربية وتميزها عن باقي اللغات
هناك خصائص ومميزات عديدة للغة العربية تعطيها أهمية أكبر وتضمن لها البقاء والارتقاء إلى قيام الساعة وتميزها عن باقي اللغات. ومن أهم هذه الخصائص و المميزات التي تجعلها أفضل لغات العالم ما يلي:
- ارتباط اللغة العربية بالوحي
إن اللغة العربية ارتبطت بالإسلام بأن كانت لغة الوحي الكريم، فكانت بذلك أفضل لغات البشر وقد خصها الله سبحانه وتعالى بالبيان عندما قال في كتابه الكريم : "وإِنَّه لَتَنْزِيـلُ رب الْعالَمين نَزل بِه الـروح الْأَمين علَـى قَلْبِـك لِتَكُـون مـن الْمنـذرِين بِلـسانٍ عربِـي مبِين." (الشعراء: 194-196).
- اللغة العربية أقرب اللغات إلى قواعد الفلسفة والمنطق
تعتبر اللغة العربية من أقرب اللغات إلى قواعد الفلسفة والمنطق، وذلك لوجود الحجج والبراهين والوضوح في كل كلمة ومعناها. ولسلامة عباراتها التي تمكن الناطق بها أن يعبر عما يريده بدون تكلف أو مشقة.
وهي تقرأ كما تكتب وتكتب كما تسمع فالذي يتعلم الحروف العربية والحركات يسهل عليه أن يقرأ أي كلمة أو نص بدون أدنى مشقة وهذه الميزة لا توجد في أي لغة أخرى.
- الإيجاز
يعد الإيجـاز من أهم سمات اللغـة العربيـة وهو ما يسمى بالكلام البليغ و يقصد به التعبير عن معلومة كبيرة جدا بأقل ما يمكن من الكلمات، وهذا مفيد جدا في اللغة. ويحقق هذا الإيجاز اختصار الجهد والوقـت. وهو يعتبر من أفضل مميزات اللغة العربية وهذه صفة لا يمكن أن تكون موجودة في لغة أخرى غير اللغة العربية.
- الحروف والأصوات
تَتَفَرّدُ اللغـة العربيـة بأصوات لا توجد في باقي اللغات مثـل (العين، الحاء والضاد)، كما أن تميزها من الناحية الصوتية يتمثل أيضاً في ثبات أصوات الحروف فيها لدقة مخارجها، الأمر الذي جعل طريقة نطق الأصوات ثابتة عبر العصور والأزمان.
- الاشتقاق
هو مِيزة وخاصية في اللغة العربية حيث نجد أن الكلمات لها أصول أو جذور مشتقة منها فهي لغة ثلاثية الحروف، أي إن أغلب الكلمات أصلها ثلاث حروف ، فقد أقام العرب معظـم ألفاظهم على حروف ثلاثة لخفتها و إيجازها وسهولة النطق بها وهذا أيضا مما يجعلها تتسم بالعمق وتسمح للإنسان بالتأمل في معاني كلماتها. ويعد الاشتقاق أهم مصدر ثرائها بالمفردات والمعاني.
- الترادف والتضاد
من مظاهر الجمال والثراء في اللغة العربية أنها كثيـرة المترادفات لدرجـة كبيرة ليس لها نظيـر فـي أيــة لغــة مــن لغات العالم حيث أنهما يظهرا المعنى ويقويانه، وفي حالة الترادف نجد العديد من المعاني للكلمة الواحدة، أما التضاد فهو عكس الكلمة حيث يظهر المعنى ويقويه، فالذي يطلع على معاجم اللغة العربية يهوله مـا تحتويـه هـذه المعاجم من ذخيرة لغوية.
- تنوع العبارات والأساليب
تتميز اللغة العربية بتنوع العبارات والأساليب، فالعبارة الواحدة يمكن أن تؤدى إلى معاني مختلفة. كما أننا نجد في الجملة العربية الكثير من الأساليب التي تذكر في النحو والإعراب مثل التشبيه والكناية والاستعارة وفخامة الألفاظ والرقة في النطق مع الوضوح في التعبير، كالضمير المستتر والتقديم والتأخير في الجمل والحذف أو تقديم الخبر على المبتدأ وغيره، وكل هذه الأساليب الكثيرة والمتنوعة تعطي معاني جميلة على حسب الجملة، وتضفي جمالا للغة ككل.
- جمال الصوت وعذوبته
لكل صوت في اللغة العربية صفةٌ ومخرج وإيحاء ودلالـةٌ ومعنـى وظـلٌ وإشعاع وصدى وإيقاع، وتعتبر مخارج الحروف من ضمن الأصوات التي تعطي معاني كثيرة مثل الشدة والرخاوة، والانفتاح والإطباق، والقلقلة واللين والغنة، والتفخيم والترقيق، والهمس والجهر وغيرها.
تتميز اللغـة العربيـة بتنوع الأصوات وتوزيـع الحروف حسب المخارج توزيعاً عادلاً مـن أقصى الحلق إلى ما بعد الشفتين وقـد أدى هذا التوزيع لمخارج الحروف إلـى عذوبـة موسيقية وانسجام صوتـي وتوازن وثبات هـذه الأصـوات علـى مـدى العصور والتاريخ.
- الإعراب
يعتبر الإعراب في اللغة العربية من أكثر الخصائص المميزة لها، حيث لا يوجد في اللغات الأخرى ، فاللّغة العربية لها قواعدها في تنظـيم الجملـة وفـي ضبط أواخر الكلمات بهـا ضبطاً خاصاً, وتستخدم الحركـات فـي اللغة العربية للتعبير عـن المعنى، فبواسطة الحركـات الإعرابيـة يمكن التمييـز بيـن اللفظ ومدلوله، كما يمكن رفع اللبس الذي يحيط أحيانـاً بتلك الألفاظ ودلالاتها، كما أن للإعراب دورا كبيرا في ترتيب الجمل وتنسيقها وفـق نظـام خاص.
- ثباتها وخلودها عبر العصور
تمتاز اللغة العربية بثباتها وخلودها عبر مراحل تاريخها الطويل، حتى يتمكن المتحدثون بها اليوم من قراءة وفهم وتقدير تراث العرب من عصور ما قبل الإسلام وما بعدها. والذي يعتبر غير ممكن في اللغات أخرى، مثل الفرنسية، التي تغيرت واختلفت على مر القرون.
والسبب في ذلك أن اللغة العربية مرتبطة بالقرآن، الذي ضمن لها البقاء على عكس اللغات التي ماتت بموت أممها، مثل اللاتينية والسريانية وغيرها من اللغات.
وهكذا فلقد تميزت اللغة العربية عن غيرها من لغات البشر بكثير من الخصائص التي جعلتها وعاء لحضارة الجنس البشري ومسايرةً ومتسعةً للثقافة العالمية المعاصـرة والتطـور التكنولوجي.
الخاتمة
تلعب اللغة العربية دورًا حاسمًا في حياة المسلم, وتتضح أهميتها بارتباطها الوثيق بالقرآن الكريم وأنها لغة تواصل للمسلمين في جميع أنحاء العالم. فتعلمها يساعد على فهم ثقافة العرب، وعلى فهم كتب الأدب، والتاريخ، والعلوم، والفنون، وكافة المجالات الحياتية الأخرى.
اللغة العربية هي أيضا اللغة الأساسية المستعملة في كل المحافل والمناسبات الرسمية فهي لغة لم تترك شيئا إلا ودخلت فيه، وأثرت فيه سواء بالإضافة إليه أو بالاستفادة منه. كما أن استيعاب اللغة العربية للغات والحضارات الأخرى أدى إلى شهرتها وانتشارها، لذا لم تعد اللغة العربية مقتصرة فقط على العرب المسلمين، بل أصبحت لغة عالمية بانتشار الإسلام في جميع أنحاء العالم، و يحرص كل مسلم من أي الجنسيات كان لتعلمها وإتقانها.
أخيرا, يتوفر الكثير من الموارد المتاحة عبر الإنترنت لمساعدة الأشخاص على تعلم اللغة العربية بسهولة، من بينها طريقة القاعدة النورانية التي تساعد المبتدئين في تعلم الحروف العربية والقراءة بصفة عامة، وقراءة القرآن بصفة خاصة. وتتوفر هذه الموارد بأشكال وأنواع متعددة، ومنها الكتب والتسجيلات الصوتية والبطاقات التعليمية وغيرها.